حقيقة التعليم في ليبيا
حقيقة التعليم في ليبيا
جميع مؤسسات التعليم الليبية فاشلة بكل المقايس الدولية لجودة التعليم, تلك المقايس الدولية التي وضعت لتحديد التعليم الجيد من التعليم الغير جيد او الغير مجدي.
اذكر القليل من تلك المقاييس الدولية لتحديد جودة التعليم :
- برنامج التقييم الدولي للطلاب (PISA): يركز على تقييم مدى قدرة الطلاب البالغين من العمر 15 عاما على استخدام المعرفة والمهارات المكتسبة في حياتهم اليومية.
- دراسة التوجهات الدولية في الرياضيات والعلوم (TIMSS): يقيس أداء الطلاب في الرياضيات والعلوم في الصف الرابع والثامن.
- الدراسة الدولية لقياس مدى التقدم في القراءة (PIRLS): تركز على تقييم قدرة الطلاب على فهم النصوص والقراءة بطلاقة.
- مؤشر التنمية البشرية (HDI): يشمل مؤشر التعليم كأحد مكوناته الرئيسية, ويقيس مستوى التنمية البشرية في الدول.
ملاحظة: قد يكون الحصول على بيانات دقيقة وموثوقة حول التعليم أمرا صعبا في بعض البلدان, منها دولة ليبيا.
في سنة 2022 كشف المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس عن التصنيف الجديد الذي يقيس جودة التعليم في 140 دولة حول العالم, واعتبر المؤشر, ليبيا دولة غير مصنفة بسبب عدم توافر أبسط معايير جودة التعليم فيها.
ويعتمد مؤشر جودة التعليم العالمي على 12 معيارا هي المؤسسات والابتكار وبيئة الاقتصاد الكلي والصحة والتعليم الأساسي, التعليم الجامعي والتدريب, كفاءة أسواق السلع, كفاءة سوق العمل, تطوير سوق المال, الجاهزية التكنولوجية, حجم السوق وتطور الأعمال والابتكار.
واقع كارثي للتعليم في ليبيا
لا أرى آفاق للمستقبل, ويبدو انه حتى 30 السنة القادمة لن يرسم اي ملامح لواقع مختلف على ما نشهده اليوم في ليبيا.
ازمة التعليم في ليبيا قديمة قدم تأسيسها الاول منذ عهد الملك أدريس, لكن لم تعالج ابدا, بل تم اضافة الفساد الاجتماعي والاخلاقي والسياسي على ازمة التعليم عبر الخمس العقود الماضية كلها.
أزمة التعليم متغلغلة في عمق المؤسسات الحكومية الليبية على جميع مستوياتها المختلفة, حتى تلك الغير معنية بالتعليم بصورة مباشرة, لان الكادر الوظيفي الذي يعين في مختلف المراكز الحكومية وفي كل المؤسسات الدولة العامة يأتي من المؤسسات التعليمية العامة التي تشرف عليها الدولة و الحكومة السياسية.
اذا وضع الدولة بشكل عام في حالة يرثى لها بصدق, بل أن تغيير الواقع او محاولة ايجاد حلول بعيده كل البعد في الوقت الراهن, وبسبب نفس المسبيبات التي كانت دائما المانع الحقيقي نحوى اي تغيير في ليبيا, الفساد المتفشي في السلطة, الفساد المتفشي على مستوى الشعبي بصورة عامة كارثي, الفساد الاخلاقي في اساس بنية معاير القيًمة في ليبيا التي في جلها بنيت على اوها جهوية عنصرية متخلفة باقية ومتغلغلة بشدة حتى يومنا هذا.
التعليم الأساسي العام في ليبيا كارثي لدرجة لا تحمل اي فرصة لتحسين واقعه مطلقا.
فوضع رياض الاطفال اشبه بالعناية بالاطفال حتى عودة ابائهم من العمل, اما صفوف الاول حتى الرابع فهي اسوء فاساليب التعليم قديمة ومتخلفة وفاقدة لاي تكنلوجية متقدمة تلائم الجيل الحالي الذي ولد في وجود انترنت الاشياء و انترنت الجيل الخامس وغيره من تكنلوجية متطورة بشكل لا يقبل التخلف او التأخر يوم واحد عن عدم مواكبته.
التعليم الثانوي العام في ليبيا كارثي فهو يعكس مخرجات التعليم الاساسي, التي كما ذكرنا سابقا في وضع لا يحتمل فيه اي تغيير, بل يجب ازالته تماما والبدء من جديد.
التعليم الجامعي العام في ليبيا يلخص الوضع الراهن لمختلف شباب الوطن, أغلب الخرجين لا يعملون بشهدتهم العلمية بل في وظائف لا تمت لشهدتهم بأي صلة, وان اغلبهم لا يملك اي مهارة علمية او فنية او مهنية تأهلهم للتطور او التقدم خطوة للأمام, وان سوق العمل لا يستطيع تأهيل الالاف من الخرجين سنويا عديمي المهارات والخبرة وحتى القطاع العام عاجز على توظيف كل هؤلاء الخرجين الفاشلين فيبقى اغلبهم دون وظائف وفي حالة العاجز دون اي جدوة.
لا يوجد حلول ابدا لهذا الواقع, الا حل واحد, الا وهو فصل التعليم عن الدولة, وتركه بيد متخصصين ذو خبرات علمية ومهارات خاصة يحددها قوانين ومعاير شديدة الدقة و القوة لضبط الوضع المنفلت.
انا من مناصري فكرة التعليم الحر, لا يجب ان يكون التعليم مجانا, بل يجب ان يكون ذو جودة عالية وقيمة كبيرة بحيث يأثر على مستقبل البلاد ويقودها الى الامام.
يعني لكل شخص حرية التعلم في اي مجال وتحسين قدراته ومهاراته المهنية وتطوير ذاته حتى خارج منظومات التعليم الكلاسيكية المريضة في ليبيا, والتركيز على مستقبل التكنلوجية التي سوف تغير كوكب الارض للأبد.
الفساد ينخر التعليم في ليبيا
جميع البنى التحتية الخاصة بالتعليم في ليبيا متهالكة وسيئة الاعداد ولا تليق بالمدارس الحديثة والمتطورة التي نراها في الدول المتقدمة تعليميا مثل سنغافورة.
هنا يقع الحديث عن المدارس والمعاهد والجامعات التي تقع جغرافيا داخل اكبر المدن الرئيسية مثل طرابلس وبنغازي, اما واقع تلك البنى التحتية في الارياف والمدن والقرى التي تقع بعيدا جدا عن الساحل الليبي فهي في وضع لا يحتمل الكلام فيه عن فساد فقط، بل عن اهمال متعمد من قبل الساسة وحكام تلك المناطق النائية والبعيد.
أقرب فضيحة فساد حدثت منذ ايام قليلة عن اختلاس مبلغ 32 مليون دينار ليبي من قبل مسؤولين من داخل وزارة التعليم الليبية في طرابلس.
غياب الرقابة على المؤسسات التعليمية الليبية بل على جميع المؤسسات الحكومية الليبية, هو فساد اخر ينظمه المجتمع الليبي بتقصير متعمد من قبل هذا المجتمع الذي يأسس لبلد فاسد يرعاها هو بخطوات في قيمة من الا مبالات للاجيال القادمة ومستقبلهم.
الاعلام الحكومي والتعليم
يحاول الاعلام الليبي تسليط الضوء على قضايا الفساد في مرافق التعليم بطريقة مضحك الحقيقة, ومستفز في آن واحد, يتحدث عن واقع التعليم كمن يحاول مغازلة الموضوع من بعيد, مع استضافة بعض الضيوف الغير معروفين على مستوى مجتمع المتعلمين في ليبيا, كما انهم قليلي خبرة, كما انهم يعملون بالاساس في نفس تلك المؤسسات التعليمية الفاسدة, مثل وزارة التعليم العالي و نقابة المعلمين ومؤسسة التوجيه التربوي و رقابة التعليم.
جميع المؤسسات المذكور سابقا ينهشها الفساد حتى النخاع, ولا يتمتع الكادر الوظيفي في تلك المؤسسات بأي مهارة فنية او حتى مؤهل تخصصي في مجال التعليم.
يوجد عدد كبير من موظفي تلك المؤسسات المذكورة تم تعينهم بشاهدة تعليم ثانوي أو متوسط بمعدل ضعيف جدا, لا يأهلهم للمراكز التي يعملون فيها حليا, هذا بسبب الفساد في التعينات داخل المؤسسات الحكومية.
ختاما الوضع كارثي بصدق ومن دون أي مبالغة, يجب التحرك العاجل لاصلاح الموضوع.
الاصلاح في رأي ليس أمرا مستحيلا.
اعتقد ان من الممكن تجنب هذا الوضع عبر اعادة هيكلة التعليم الحكومي بشكل كامل, وجعل التعليم الاساسي الزامي ومجاني فقط, أما باقي المراحل التعليمية يجب ان تكون بالاختيار وحسب ميول المتعلم, كما يجب ان تكون مدفوعة اي غير مجانية, كما يجب الا تشرف عليها الدولة من كل الجوانب, اي ليس للدولة اي علاقة بمناهج التعليم الثانوي او التعليم العالي ان كان معاهد او جامعات, وليس لدولة اي علاقة بمدة السنوات لتلك المراحل, كما ان ليس لدولة اي علاقة بنظام التعليم في تلك المراحل بأي اسلوب او حتى بأي لغة.
اذا من هو المسؤول عن التعليم الثانوي او العالي المتمثل في المعاهد او الجامعات ؟!!
الجواب هو سوق العمل.
نعم سوق العمل هو من يحدد نظام التعليم ومناهج و اسلوب ومراحل ومدة التعليم الثانوي والعالي, كما هو من يحدد مدخلات التعليم ومخرجاته في تلك المراحل.
وطبعا يقع الاختيار الحر من قبل المتعلمين على كيف ومتى ونوع التعليم المرغوب فيه والذي سوف يحسن مكانتهم الاجتماعي والاقتصادية داخل مجتمعهم, مع تأكيد على ان لا يكون التعليم الثانوي والجامعي مجانا مطلقا.
هكذا ارى الحل المثالي الان في ليبيا ، لجميع مشاكل التعليم حلا نهائيا.
تعليقات