الكهنة الليبيين
الكهنة الليبيين
المال السياسي الفاسد ، والساسة الفاسدون ، والكهنوت الديني
السلام عليكم ورحمة الله وباركته
تعبر كلمة "كهنة" عن طبقة اجتماعية ودينية تحظى بعدة امتيازات وتتمتع بسلطة دينية ونفوذ كبريين.
هذه الطبقة تدعي امتلاكها فهما خاصا ومكانة خاصة عند الله.
عبر التاريخ الانساني كان للكهنة دور سلبي للغاية في نظام الحكم ، بواسطة استغلال الدين لصالحهم ولصالح الحكام بغية السيطرة و التحكم في الشعوب.
اكتسبت كلمة "كهنة" دلالة سلبية تشير الى التلاعب الديني ، والنفاق ، واستغلال البسطاء باسم الدين.
المال السياسي الفاسد يصنع الكهنوت
بعد انهيار النظام السابق سنة 2011، انهارت معه كل ركائز الدول ، اعني هنا القضاء ، والمحاكم، والسلطات التنفيذية ، و الرقابية.
تحولت ليبيا على اثر هذا الانهيار الى بؤرة للفاسد بشتى انواعه، فساد سياسي، فساد اقتصادي، فساد اجتماعي .
اصبح هناك اساءة في استخدام المال العام من قبل الساسة، وكل من يعمل في دوائر القطاع العام الحكومي ، على مستوى الموظفين، يشمل هذا موظفي الادارات العامة، و كل من قطاعات الصحة، والتعليم، والأمن، والجمارك، والكثير الكثير ممن يستغلون مناصبهم بغية الإستنفاع الخاص.
ومن ضمن تلك القطاعات التي طالتها يد المال السياسي الفاسد هي مؤسسة "الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الاسلامية - دولة ليبيا"،
و "دار الافتاء الليبية".
عبر المال الفاسد تم تحويل تلك المؤسسات الى مؤسسات كهنوتية تتغدى و تقتات من المال الفاسد ، كما تم تحويل كل من موظفيها الى اشخاص فاسدين يخدمون الجهة السياسية التي تمولهم.
تحولت "الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية - دولة ليبيا" ، مقرها طرابلس، الى مؤسسة فاسدة بامتياز ، فهي تأخذ ميزانية بالماليين سنويين من حكومة عبد الحميد دبيبه ، تذهب اغلبها في جيوب الكهنة السلفين "المداخلة" الموجدين في طرابلس ، وجزء صغير جدا "الفُوتَات" يذهب الى باقي الكهنة السلفين "المداخلة" في مدن اخرى في ليبيا.
و تحولت "دار الافتاء الليبية" ، مقرها في طرابلس، والتي تلعب دور سلبي جدا ، بخلاف انها مؤسسة فاسدة، فهي ايضا بؤرة تحريض على العنف والقتل والارهاب والتشيع على الحرب الاهلية بين الليبية.
عرابهم الكبير" كهنوت" داخل دار الافتاء هو الشيخ الكبير في السن الصادق الغرياني الذي يحرض على القتل و على الحرب الاهلية، لأغراض سياسية خاصة به وبي جماعة الاخوان المسلمين.
كما يوجد في ليبيا حكومتين، واحدة في العاصمة طرابلس والاخرى في مدينة بنغازي.
يوجد مؤسسة موازية للهيئة العامة للأوقاف طرابلس ، مقرها مدينة بنغازي اخذت اسم "وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - الحكومة الليبية" ، وبدورها ينخر فيها المال السياسي الفاسد من كل اتجاه، ويتم تحويلها الى مؤسسة كهنوتية فاسدة ، لأغراض سياسية تخدم العسكري المتقاعد خليفة حفتر وخليفته صدام حفتر.
الساسة الفاسدين
حينما يتم نهب المال العام ، وتركيع جميع مؤسسات الدولة شبه المنهار او التي انهارت، عبر اغراقها في الفساد حتى النخاع ، وتشجيع موظفي تلك المؤسسات على النهب، من خلال الافلات من العقاب وعدم المحاسبة.
هكذا فعل عبد الحميد دبيبه عبر سياسته الفاسدة، اغراق البلاد بالمال الفاسد وتدمير كل مؤسساتها عمدا مع سبق الاصرار و الترصد.
اربعة سنوات كانت كفيلة بتحويل ليبيا لبلد غارق في الفساد ، هذه هي الفترة التي حكم فيها عبد الحميد دبيبه طرابلس والتي لازالت مستمرة الى اجل غير معلوم.
كسب ولاء "المداخلة" و جماعة الاخوان المسلمين هو غاية عبد الحميد دبيبه لتمكينه من السيطرة على العاصمة طرابلس ، والوسيلة الوحيد التي يمتلكها، هي نهب المال العام و توزيعه على قطاعات معينة بغية كسب ولائهم.
للأسف هذه السياسة كان تستعمل من قبل النظام السابق، وهي التي جعلت من ليبيا دولة فاشلة ينخرها الفساد.
أما العسكري المتقاعد خليفة حفتر فهو الاخر لم يكون اقل دناءة من عبد الحميد دبيبه.
منذ سنة 2014 بعد اعلان ما عريفة لاحقة بحركة "الكرامة" وهي حركة عسكرية يقودها العسكري المتقاعد خليفة حفتر ضد ما سمه حينها بالإرهابيين و المتشددين الاسلاميين، في مدينة بنغازي وعموم الشرق الليبي.
اتخذ خليفة حفتر من السلفية الوهابية "المداخلة" غطاء لتمرير حملته العسكرية، عبر فتاوي تبرر الاقتتال الداخلي، وتصف الخصوم "بالخوارج" التي يعتبرها "المداخلة" جماعة مرتدة يجب قتالها والتخلص منها لنصرة الامة المزعومة.
و استمر دعمهم لحملة حفتر العسكرية من منابر المساجد و حتى عسكريا عبر المشاركة في القتال.
وبعد الحرب الاهلية التي استمرت لسنوات في شرق ليبيا والتي خلفت دمار و قتلى ، اعطى حفتر "المداخلة" الوهابيين نفوذ اكبر ومؤسسات ومكاتب و أموال لاستمرار ولائهم له وضمان حكمه الاحق على منطقة الشرق الليبي.
للكهنوت الديني الليبي وجهان
الوجه الاول : السلفية الوهابية "المداخلة" - طرابلس
بقيادة محمد أحميده العباني الذي يرأس "الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الاسلامية - دولة ليبيا".
المقر داخل العاصمة الليبية طرابلس.
![]() |
الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الاسلامية - دولة ليبيا |
تتمتع جماع العباني الوهابية بنفوذ كبير داخل طرابلس ودعم عسكري من بعض المليشيات التي تدعي انها سلفية ظاهريا مثل جماعة الارهابي كاره الذي يملك سجن في معيتيقة غير قانوني والذي يسجن فيه اشخاص تعسفيا عبر خطفهم.
كما أن جماعة العباني تحضا بدعم مالي كبير يوفره عبد الحميد دبيبه، لكسب دعم الوهابيين "المداخلة" داخل طرابلس.
تدعي الهيئة العامة للأوقاف برئاسة العباني مسؤوليتها عن إدارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في ليبيا ومعنى هذا الادعاء انها تملك حق التصرف في املاك الاوقاف.
![]() |
محمد أحميده العباني |
تشمل الاملاك اراضي، ومساجد، و ابار للمياه، و مكاتب ادارية، و شقق سكنية تملكها الاوقاف الليبية.
كما أن الهيئة مسؤولة عن سد اي نقص تعاني منه المساجد، وهذا يشمل السجاد، و المصاحف، و المكبرات الصوتية، و الميكرفونات، و الإضاءة، و الصيانة الدورية للمسجد سنويا وغيره.
لكن ماذا يحدث على ارض الواقع ؟
الذي يحدث هو ان الهيئة لا تلتزم بأي من مسؤوليتها التي تدعيها ، وان وضع الاوقاف وممتلكاتها في اسواء حال.
اغلب المساجد في ليبيا تعاني من نقص حاد في السجاد، وفي المكبرات الصوتية، كما تعاني اهتراء في المباني، والحمامات، ومجاري المياه، واسقف المساجد وغيره من المشاكل التي لم تعالج من سنة 2011.
الوجه الاول : السلفية الوهابية "المداخلة" - بنغازي
بقيادة عاطف عبد الواحد العَبيدي الذي يرأس "وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - الحكومة الليبية".
المقر داخل مدينة بنغازي.
تتمتع جماعة العبيدي الوهابية بنفوذ كبير داخل بنغازي وكامل الشرق الليبي ، وتحضا بدعم عسكري كبير مِنْ قَبْلِ ما يسمى بالجيش الليبية بقيادة العسكري المتقاعد خليفة حفتر.
كما ان جماعة العبيدي تحضا بدعم مالي كبير يوفره خليفة حفتر وخلفه صدام حفتر ، لكسب دعم الوهابيين "المداخلة" داخل مدينة بنغازي.
يمكن اختصار دور الاوقاف في ليبيا بعد 2011 ، الذي يقتصر على انشاء مسابقات لحفظ القرآن، وتقديم جوائز مغرية للفائزين ، كما ان تلك المسابقات لا تقام في اغلب مناطق ليبيا بل يتم التميز للأسف الشديد.
الوجه الثاني : جماعة الاخوان المسلمين
بقيادة الشيخ الصادق الغرياني الذي يرأس "دار الافتاء الليبية".
المقر العاصمة طرابلس.
![]() |
الشيخ الصادق الغرياني |
تتمتع جماعة الصادق الغرياني بنفوذ كبير سياسيا وعسكريا داخل المنطقة الغربية بكل مناطقها وخصوصا مدينة مصراتة.
جماعة الغرياني تنتمي بشكل غير علني لجماعة الاخوان المسلمين وتعتبر في الوسط السياسي الليبي الناطق الرسمي لهم ،
يأتي هذا النفوذ نتيجة الدور الذي لعبه الغرياني ابان ثورة 17 فبراير سنة 2011 هو وجماعة الاخوان المسلمين المدعومين من دولة قطر ودولة تركيا.
ساهمة الغرياني سنة 2011 بإصدار فتوي دينة تحرض على الاقتتال الأهلي، تبريرا للتخلص من النظام السابق.
كما دعم وبقوة كل الحروب الاهلية التي تدعوا للتخلص من فلول النظام السابق في بعض المناطق في ليبيا مثل مدينة بني وليد، ومدينة تاورغاء، و مدينة طرابلس، ومدينة ورشفانة، والجنوب الليبي، وغيره من الحروب الاهلية التي نشأت بعد سقوط النظام السابق.
تتمتع الان "دار الافتاء الليبية" برئاسة الصادق الغرياني بدعم مالي وسياسي كبير يوفره عبد الحميد دبيبه والذي من خلال هذا الدعم يسعى لكسب رضى الاخوان والغرياني معا.
الدور الديني المباشر الذي تقوم بيه "دار الافتاء الليبية" هو تحديد ثبوت الأهلة وبداية الشهور القمرية التي تتعلق بها أعياد المسلمين وعباداتهم ، و تقديم الرأي والمشورة في الأمور التي تعرض عليها فيما يتعلق بالمسائل اليومية.
في غالب يكون دور افتائي فقط.
لكن الغرياني يتدخل في السياسة بشكل علني عبر اصدار فتاوي وأراء سياسية تمثله وتمثل جماعة الاخوان المسلمين.
بواسطة القناة التلفزيونية التي تملكها دار الافتاء الليبية باسم قناة "التناصح" ، كما يوجد اذاعة مسموعة تحمل نفس الاسم ، مع وجود موقع خاص عبر الانترنت "لدار الافتاء الليبية".
باختصار: الكهنة الجدد في ليبيا ، والذين يتلقون الدعم اللامحدود من السلطات السياسية المتعاقبة من سنة 2011 عاثوا في الارض فساد باسم الدين ، والدين منهم براء.
للمزيد تابعونا على الموقع الالكتروني لمدونة عقلية ليبية على منصة بلوجر https://akaqlaelibyia.blogspot.com/
تعليقات